سليمان صالح ضرار: البجة – الفصل الثاني – تاريخ البجة
سادت اللغة البجاوية في كل بلاد البجة، ولا بد أن عراها بعض التغيير بسبب التطور الطبيعى للغات. ومن المعتقد أنها من اللغات الحامية (كوشية)، كما أن لغة البني عامر تعتبر من اللغات السامية (الجيزية من اليمن، وذكر باحث بأن 80% منها عربي)، وذكر نعوم شقير نقلا عن لبسيوس من أن اللغة البجاوية هي لغة مروى القديمة. أما الدكتور هيس الألمانى الذي كان مقيما بمصر لدراسة اللغة النوبية فيقول (إن اللغة البجاوية هي لغة مروى القديمة) بدليل أن بعضا من كلماتها الأساسية مثل الماء والنار والأرض تشابه ما ورد من الأسماء في تاريخ مروى، وتعني كلمة مروي (مير أوي) بالبجاوي الشتاء الطويل، ووجود اسم بجاوي لمدينة المتمة (مأتمة ومعناها المركز)، وشندي (شئن دا وتعريبها أناس كبار)، والدامر (دامر) ومعناها الموطن، وأتبره ومعناها بحر اللبن وجبل (ميلكيت) جوار قرية قري (ومعناها الملح). بالإضافة إلى أن القبائل الفرعية تستعمل خاتمة آب في أسمائها، وهي مقتبسة من كلمة (دواب) وتعني فرع من القبيلة. ويدل الاسم الانجليزي للصمغ (العربي) (ERRABY) وكأنه مأخوذ من اللغة البجاوية وتعني (الناصع البياض). كذلك فإن بعض الكلمات البجاوية تتطابق مع بعض الكلمات الهيروغلوفية وذكرنا أمثلة ذلك في مكان آخر. ومنها أن اسم كوش (السودان) مستمد من (كش)، وتعني عبد بالبجاوي.
وكتابة اللغة البجاوية بالحروف العربية لا تحتاج إلى معاناة فإن العرب وغيرهم من الأمم التي غزت ديار البجه كانوا يترجمون المعاهدات إلى اللغة البجاوية كلمة كلمة، وللأستاذ محمد أدروب أوهاج محاولات فيها. كذلك قام إداري بريطاني (روبير) بكتابة اللغة البجاوية بأحرف لآتينية، ووضع كتاب لتعلمها بهذه الحروف. أما اللغة البني عامرية فهي سهلة الكتابة بالحروف العربية وقد استعمل أهل إريتريا الحروف العربية في كتابتها.
وبالرغم من نزوح العرب إلى بلاد البجه منذ أكثر من ألف عام فإن اللغة العربية لم تستطع التغلب على اللغة البجاوية لأن هجرة العرب كانت بأقليات بشرية وربما كان أكثرهم من الرجال، واضطروا للتزاوج من البجه فنشأ أطفالهم بين أحضان أمهاتهم البجاويات يتكلمون بلغتهن في كل شيء وهذه سنة لغة الأم. وحاولت قبائل بلي الإحتفاظ بلغتها العربية بين الأغلبية البجاوية، ولكن طمست معالم لغتهم العربية ولم يبق منها إلا النسب إليهم في لفظ بلويب.
وفي اللغة البجاوية شعراء كثيرون وكذلك باللغة البني عامرية، كما توجد حكم وأمثال تستعمل عند اجتماع الرؤساء والشيوخ، وربما كان أكثر كلام الشيوخ باقتباس أبيات شعرية أو قول مأثور عن بعض مصلحي البجه، والشعر البجاوي يتألف من أربع شطرات موزونة ولا يتعداها. وإذا أراد الشاعر الإطالة فلا يلتزم القافية إلا في كل بيتين أو أربع شطرات، وكذلك في البني عامر عندما يريد الشاعر الاطالة. وبعض الشعراء في قبائل بني عامر والحباب ينظمون القصائد الطويلة ويلتزمون في كل شطرة منها الروي والقافية وقد تبلغ القصيدة سبعين بيتا. وأكثر الأشعار في الغزل والحماسة، ومدح الشجعان البجه السابقين. وتوجد نقائض بين بعض الشعراء في المدح.
اضف تعليقا